آخر المواضيع

الخميس، 25 يوليو 2024

مسؤولية المحامي عن تفويت الفرصة في القانون المغربي

 



مسؤولية المحامي عن تفويت الفرصة في القانون المغربي

الدكتور محمد مومن


للتحميل اضغط هــــــــنــــــــا

مقتطف من المقال

"مقدمة :

إن المتتبع لتطور المسؤولية المدنية منذ استقلالها عن المسؤولية الجنائية يلاحظ أنها لم تنته بعد من التحول الذي تعرفه باستمرار، شأنها في ذلك كل النظم المرتبطة بواقع المجتمع وما يطرأ عليه من تحولات، خصوصاً وأن التطورات السريعة التي تشهدها المجتمعات الحديثة نتج عنها زيادة فرص وقوع الحوادث وتنوع الأضرار، مما جعل الهدف الذي ينبغي الوصول إليه مباشرة هو جبر الضرر دون أن يثني عنه البحث في خطأ المخطئ، وقد استتبع ذلك توسع في المدنية والـ حالات التعويض ليشمل ما لحق المتضرر من خسارة وكذا ما حرم منه من نفع لو لم يحصل الفعل الضار، ومنه أيضا تفويت الفرصة حيث إن القانون لا يمنع من أن يحتسب في الحرمان من النفع الذي هو عنصر من عناصر التعويض، ما كان المضرور يأمل الحصول عليه، ما دام هذا الأمل له أسباب مقبولة، لأنه إذا كانت الفرصة أمراً محتملا، فإن تفويتها أمر محقق.

وقد أجاز القضاء، منذ زمن بعيد سماع دعاوى من أجل المطالبة بالتعويض عن تفويت الفرصة الضائعة في مجالات متعددة منها مجال مسؤولية المحامي عن الضرر المحقق بضياع الفرصة. ورفع الفرصة على هذا النحو إلى مرتبة القواعد القانونية يدعو إلى ضرورة دراسة هذه الفكرة وتحديد مفهومها من خلال الحكم الصادر عن محكمة الإستئناف بالدار البيضاء رقم 778 و 779 بتاريخ 1994/3/29 في الملف التجاري رقم 91/1740-293/235 الذي تتلخص وقائعه في أن المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء أصدرت بتاريخ 30 مايو 1981 حكماً ضد المكتب الوطني للكهرباء قضى بأداء مبلغ 910 328 درهما مع الفوائد القانونية ابتداء من 22 نونبر 1976 علاوة على مبلغ 10000 درهم كتعويض لفائدة مؤسسة دار الفلاح

وقد كلف م. و.ك الأستاذ (ح) للدفاع عن مصالحه في هذه القضية وذلك باستئناف هذا الحكم، إلا أن هذا الأخير لم يتقدم بعرض الوقائع طبقا لما يقضي بذلك الفصل 142 من ق.م.م، وبتاريخ 14 يناير 1986 قضت محكمة الإستئناف العارض العقم بواسطة الأستاذ (ع).

واعتبر م.و.ك أن العيب الشكلي الذي اعترى المقال الإستئنافي المقدم من طرف الأستاذ (ح) كان سبباً أساسيا أدى إلى عدم قبول الإستئناف شكلا، وهو خطأ مهني يتحمل الأستاذ (ح) مسؤوليته، خصوصاً وأن الإستئناف وطريقة تقديمه محددين في قانون المسطرة المدنية بشكل واضح بمقتضى الفصل 130 وما بعده وخاصة الفصل 142، وأن الإجتهاد القار للمجلس الأعلى ومحاكم الإستئناف سارت على اعتبار الإستئناف الخالي من تلك البيانات معيباً في شكله، وأن م.و.ك كان يتوفر على كافة الحجج لإلغاء الحكم الإبتدائي لو أن استئنافه قدم على الوجه القانوني. ومن ثم رفع دعوى أمام المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء أنفا التمس فيها الحكم بتحميل الأستاذ (ح) مسؤولية الخطأ الناتج عن المبالغ التي صرفها وهو مجبر على ذلك تنفيذا للحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية بتاريخ 30 مايو 1981 والتي قدرها في 549050 درهما مع الفائدة القانونية من تاريخ الطلب.

وقد قضت المحكمة الإبتدائية في حكمها عدد 4467 الصادر بتاريخ 1990/9/17 في الملف المدني عدد 87/4158 بأن التعويض المستحق هو 20.000 درهم مع إحلال شركة التأمين محل الأستاذ (...) في الأداء بعدما تأكد لها الضرر الحاصل للمدعي من جراء تفويت الفرصة عليه في مناقشة قضيته استئنافيا، ومن جهة أخرى ثبوت الدين بذمته.

وقام المدعي (م. و.ك) باستئناف هذا الحكم مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الإبتدائي المطعون فيه أقر بوجود مسؤولية الأستاذ (ح) في النتيجة التي آلت إليها المسطرة خلال المرحلة الإستئنافية، وبالتالي كان عليه منطقياً وواقعياً أن يساوي ما بين المسؤولية والتعويض ويحكم بتعويض يناسب جسامة تلك المسؤولية وألا يقتصر على تعويض جزئي وضئيل وهو مبلغ 20.000 درهما، لا يجبر الضرر الحاصل من جراء فوات الفرصة عليه في مناقشة قضيته في المرحلة الإستئنافية لذلك فالمبلغ الذي طلبه العارض يشمل أصل الحق وهو المبلغ الذي أداه تنفيذا لحكم القضاء الحكم الذي لم يستأنف، وما كان أن يؤديه لولا المسطرة التي وجهت خطأ، إضافة إلى مبلغ الرسوم القضائية التي أداها، والتمس الطاعن تأييد الحكم المستأنف في مبدئه مع تعديله من حيث التعويض برفعه إلى مبلغ 050 549 درهماً وإحلال شرطة التأمين (...) محل الأستاذ (ح) في الأداء.

أما شركة التاأمين (...) التي قضى الحكم الإبتدائي إحلالها محل الأستاذ (ح) في الأداء، فمن بين ما جاء في استئنافها بخصوص التعويض عن تفويت الفرصة أنه جاء مبالغا فيه واستند على مجرد الإحتمال والتخمين لا غير مع أن المحكمة الإبتدائية كانت على يقين تام من مديونية المستأنف عليه وصوابية  الحكم الإبتدائي القاضي عليه بالأداء خاصة وأنه توصل بالسلعة وهو المستفيد الوحيد منها، وأن الدين ثابت في حقه بمقتضى حجج ولم يكن له أمل في التملص من أدائه لفائدة المدعية دار الفلاح. ورعم هذه العناصر نجد القاضي الإبتدائي يقوم بتعويض المستأنف عليه عن مجرد فوات الفرصة بمبلغ 20.000 درهم، فالأساس من التقاضي هو اليقين وحسن النية وليس الرهان على مختلف المساطر والطعون لذلك، ومن باب التجاوز، فإن الضرر الممكن التعويض عنه حتى في هذه الحالة هو ما تكلفة م. و .ك من مصاريف بمناسبة المسطرة الإستئنافية لا غير، والتي تقدر في غياب الوثائق المثبتة لها في 2000 أو 2500 درهم، ومن ثم التمست الطاعنة (شركة التأمين إلغاء الحكم المستأنف، واحتياطيا تعديل الحكم المطعون فيه بحصر المبلغ المحكوم به في 2500 درهم على أقصى تقدير.

وقد أيدت محكمة الإستئناف في قرارها موضوع التعليق الحكم المستأنف مستندة في ذلك إلى أن الإغفال الشكلي الذي وقع فيه الأستاذ(ح)، والذي أدى إلى عدم قبول استئنافه، يعد إخلالا بقواعد المسذرة المدنية وخاصة الفصل 142 منها الذي يوضح بصفة دقيقة البيانات التي يجب أن يتضمنها مقال الإستئناف وهذا يعد خطأ مهنيا يعرضه للمسؤولية استنادا إلى مقتضيات الفصل 78 من ظهير الإلتزامات والعقود خاصة وأنه رجل قانون وبالتالي فإن المنحى الذي سار عليه قاضي الدرجة الأولى فيما يخص هذه النقطة يعد صحيحا ومبنيا على أساس.

وحيث إنه مما لا شك فيه أن الخطأ المهني الذي وقع فيه الأستاذ (ح) قد فوت على موكله م.و.ك فرصة الدفاع عن مصالحه خلال المرحلة الإستئنافية وبالتالي فإن من حق هذا الأخير مطالبته بالتعويض عما لحقه من ضرر من جراء الخطأ المهني المذكور.

وحيث إن مبلغ 20.000 درهم الذي قدره قاضي الدرجة الأولى كتعويض مناسب في نظر محكمة الإستئناف لتغطية الضرر اللاحق بالمكتب وك، لذلك فإن  الإستئناف الذي تقدم به هذا الأخير في مواجهة الحكم الإبتدائي والرامي إلى الرفع من المبلغ المذكور ابتدائيا فإنه لا يستند على أساس ويتعين رده لأنه ليس من المؤكد بأن الحكم الصادر في مواجهة م. و .ك كان سوف يتعرض لا محالة للإلغاء.

وحيث إنه استنادا لما ذكر يتعين أيضا رد استئناف شركة التأمين لعدم استناده على أساس وبالتالي تأييد الحكم الإبتدائي في جميع مقتضياته لكونه صادف الصواب.

ويثير هذا القرار الذي يتعلق بمسؤولية المحامي عن تفويت الفرصة إشكاليتين قانونيتين يرتبطان بهذا الموضوع، وهما الخطأ في تفويت الفرصة والتعويض عن فواتها. ولدراسة ذلك سنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين نتناول كل موضوع في مبحث. "

للتحميل اضغط هــــــــنــــــــا

 

 

 

 

 

-----------------------------

انتباه !!!

إن ما نقوم بنشره في هذه المدونة لا ندعي ملكيته بأي وجه من الأوجه، وإنما نقوم بتجميع بعض ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي بالخصوص، ونحاول فهرسته في موقعنا ليسهل الرجوع إليه ممن له رغبة في ذلك أولا، ثم ثانيا لحمايته من الضياع والاندثار، بعد أن أتاحوه مالكوه بشكل مجاني على الأنترنيت.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *