مقتطف من المقدمة
"شكلت الجريمة على مر العصور حقيقة إنسانية واجتماعية، وتطورت طرق تنفيذها وتعددت صورها ومظاهرها وأنشطتها بشكل مستمر بفعل التطورات التكنولوجيا الحديثة والاقتصادية وانفتاح العولمة والتجارة الخارجية، مما شكل تحدٍ صارخ للأنشطة القانونية والاجتماعية والاقتصادية، وما زاد خطورة الوضع هو انتقال الجريمة من طابعها التقليدي البسيط إلى الاحترافي المنظم؛ ومن البعد الوطني المحدود جغرافيا إلى الطابع الدولي العابر للحدود، وتحدد هذه الأنشطة وصورة الجريمة المنظمة باتت أكثر تفاعلات وتأثيرا في الاقتصاد العالمي الحديث وأنظمته الحاكمة سواء السياسية منها أو الاقتصادية وأضحت المنظمات الإجرامية تتحكم في صميم دول بأكملها.
ومن بين مظاهر الجريمة المنظمة، الاتجار بالبشر التي تأتي في المرتبة الثالثة بعد الاتجار الدولي في الأسلحة والمخدرات، هي أخطر القضايا التي تواجه الإنسان بكافة معانيها، وتمثل انتهاك صارخا لحقوق الإنسان ذلك لكونها تمس بشكل واضح كرامة الإنسان وصحته وحريته، وظاهرة الاتجار بالبشر ما هي إلا امتداد لجريمة الرق والاستبعاد التي تعرف من أقدم الظواهر الإنسانية، بل كانت نظام اجتماعي معروف في المجتمعات مثل المصريين القدامى والرومان، ومن هناك بدأت جذور المشكلة، حيث انقسم البشر إلى سادة وعبيد وظهرت أبشع صور استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وفي هذا العصر عاد الحديث عن الرق والاستعباد بصورة عديدة ووسائل كثيرة، مثل العمل بالسخرة 2 والاستغلال الجنسي وتجارة الأعضاء البشرية 3، وهو ما أصبح يعرف بالاتجار بالبشر التي تعد من أخطر الظواهر الإجرامية المعاصرة لما فيها من امتهان لكرامة الإنسان وتحويله إلى سلعة مادية بين يدي عصابات الإجرام المنظم."
للتحميل المباشر إظغط هــــــــــــــنـــــــــــــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق