آخر المواضيع

الثلاثاء، 15 مايو 2018

حمل كتاب: حقوق الأسرة في الفقه الإسلامي - يوسف قاسم





الكتاب: حقوق الأسرة في الفقه الإسلامي
المؤلف: يوسف قاسم
المطبعة: مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي
الطبعة: سنة 1412 هـ / 1992 م
عدد الصفحات: 463



فإن دراسة حقوق الأسرة لها أهميتها التي لا تخفى على أحد؛ إذ هي ترتبط بحياة الإنسان في سائر أحواله، وفي كلِّ مرحلةٍ من مراحل حياته، وذلك يَعني أن كلَّ إنسانٍ في هذا الوجود لا بد أن تثبت له بعض هذه الحقوق، التي تقابلها حتمًا واجبات يتعيَّن عليه أداؤها؛ فهو لا يخلو من أن يكون ولدًا أو والدًا أو زوجًا.
وقد عنيت الشريعة الإسلاميَّة ببيان هذه الحقوق بيانًا مُفَصَّلاً، كما اهتمَّتْ بتنْظيمها تنظيمًا دقيقًا يُساير كلَّ مرحلةٍ يمرُّ بها الإنسان في حياته؛ لكي يكونَ جديرًا بخلافة الله في أرضه؛ تحقيقًا للحكمة الإلهيَّة من وُجُوده في هذه الدنيا وبقائه فيها إلى أجلٍ محدود.
ولقد سبق في علم الله - تبارك وتعالى - أن الإنسان لن يستقيم أمرُه إلا بوجود أنيس له يجتمع به شمله، وتستقر معه حياته، فخلق له من نفسه الزوج الذي يحقِّق تلك الحكمة الإلهيَّة البالغة الدالة على كمال الخالق - جلتْ حكمتُه - وعلى نقص المخلوق وعجزه واحتياجه.
ولَمَّا كان ذلك وجَبَ أن نخصص القسم الأول من هذه الدراسة للبحث في عقد الزواج والحقوق الناشئة عنه مباشرة
وقد كانت أُمُّنا حوَّاء - عليها السلام - هي الاختيار المباشر من الله - عزَّ وجل - لأبينا آدم - عليه وعلى محمدٍ أفضل صلاة، وأزكى سلامٍ - حيث تحقَّقت الحكمة مِن وُجُودها بجميع آثارها، وكل نتائجها.
وبعد أن انتشر بنو آدم، وكَثُر عددهم، أنزل الله شرائع السماء لتنظيم عقد الزواج، وأوَّل مبادئ هذا التنظيم هو اختيار الزوجة الصالحة، وهو موكول إلى التقدير البشري، وهذا التقدير يعتريه القُصُور دون شك، فقد يُخطئ البشر في تقديره، وقد يصيب.
فمن وافق اختياره صوابًا، فليحمد الله، وليشكر فضله عليه، وليعلم أنه يرتكب إثمًا عظيمًا إنْ حاول أن يحدث خلَلاً في هذا العقد الذي وُفِّق فيه، وإن كانت الأخرى فليصبر مَن أساء الاختيار على معاملة شريكه، وفي صبره على ذلك أجرٌ عظيم.
غير أنه قد يصل الضرر إلى حَدٍّ بعيد يُعَكِّر عليه صفو حياته، ويجعل تحمُّلها فوق الطاقة البشريَّة، وبما أن الله - عزَّ وجلَّ - شرَع لعباده من الأحكام على قدر طاقتهم؛ حيث قال - سبحانه -: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، فإذا ما أصبحت الحياة هكذا فوق طاقة الزوجين، كان تفرُّق كلِّ واحدٍ إلى حال سبيله خيرًا من البقاء على نزاعٍ وشقاقٍ؛ ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130]، ولذا فإننا نخصِّص القسم الثاني لدراسة إنهاء الزواج، وما يترتَّب على ذلك من آثار.
ثم إن لعقد الزواج نتائج أخرى غير مباشرة، أو هي بالأحرى آثارٌ دائمة تتمثَّل على المدى الأقرب في الثمرة المباشرة له الأولاد، وما لهم من حقوق، وما قد يكون عليهم من واجبات، ثم على المدى القريب أولي الأرحام - وهم الأقارب على اختلاف درجاتهم - وقد شرع الله حقوقًا ثابتةً لبعضهم قبل بعض في قوله - عز وجل -: ﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 75].
من أَجْل ذلك نبحث في القسم الثالث: حقوق الأولاد والأقارب، بيد أننا بعون الله - تعالى - نمهِّد لدراستنا بنُبْذَة تاريخيَّة مع بعض أمور أخرى لا بدَّ من بيانها.
خطة البحث:
وهكذا تبدو خطة البحث في حقوق الأسرة على النحو التالي:
تمهيد: عرض تاريخي للمراحل التي مرَّت بها حُقُوق الأسرة.

القسم الأول: عقد الزواج والحقوق الناشئة عنه.
القسم الثاني: إنهاء الزواج وما يترتَّب على ذلك من آثار.
القسم الثالث: حقوق الأولاد والأقارب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *